المخابرات المصرية / و المعركة المنسية

المخابرات المصرية / و المعركة المنسية (2)
///////////////////////////////////////////////////
بعد أن اطمأن العدو / و ظن عبثا أنه امسك بمصر في قبضته / و أن الجيش المصري وقع في الفخ المنصوب له / كان صقور مصر يوسعون من نطاق الشرك لذاك العدو / حتى تحول الصائد لفريسة / و انقلبت موازين اللعبة لتصبح في يد المصريين الذين واصلو الفعل / فيما عكف العدو للانشاء و الزهو بنصر وهمي .
جميعنا يذكر تخبط الموقف الأمريكي أثناء الاضطرابات العنيفة التي شهدتها مصر فترة 25 جانفي 2011 / و صدور بيانات متضاربة من الادارة الأمريكية / فسرها البعض وقتها أنه عجز عن فهم حقيقة الموقف و سوء تقدير لما يجري على الساحة المصرية / لكن ذلك التخبط كان ناتجا عن رسائل التضليل التي لعبت فيها المخابرات المصرية دورا كبيرا / و فيما كان تنظيم الاخوان و بقية الجواسيس يؤكدون لأمريكا أن جهاز الأمن المصري انهار عن آخره / و أن البلاد تشهد حالة من الفوضى العارمة و فقدان السيطرة من قبل النظام و انهيار الحكومة المركزية / و أن اللحظة باتت مواتية للتدخل العسكري الغربي / كان الجيش المصري قد أحكم سيطرته على البلاد و لاقى نزوله الشارع ترحيبا شعبيا / فيما كان صانعو المؤامرة يريدون مواجهة بين الشعب و الجيش / و هو مالم يحدث في حينه.
لقد تفطن جهاز الاستخبارات المصري لحقيقة و طبيعة المؤامرة مبكرا / و كان على دراية تامة بأن المستهدف هو جيش مصر / و أن ثمة عدوان عسكري غربي صهيوني تنتظره مصر / و هو ما نفذ بالفعل فيما بعد في ليبيا و سوريا / و أمام تهالك الجبهة الداخلية و تمزق النسيج المجتمعي / و نجاح تنظيم الاخوان في جرجرة قطاعات من الشعب المصري للميادين و الساحات العمومية / اضافة لهجوم الآلاف من المساجين لترويع الناس و ترهيبهم / كانت العقول تعمل في صمت لصد العدوان .
و كان أمام العقول المصرية وقتها خياران / اما خوض المواجهة / و التي لم تكن متكافئة في كل الأحوال بسبب المعطيات السابقة / و قد ظهرت نتيجة هذا الخيار المدمر فيما بعد في سوريا / و اما اتباع أساليب تكتيكية تعطل العدوان و المؤامرة / و تسمح للمصريين باعادة تنظيم الصفوف لصد أي عدوان محتمل .
و كان المتآمرون يسارعون من وتيرة الصدام بين الشعب و الجيش / فنفذت المسرحية الشهيرة التي أطلق عليها اسم ( معركة الجمل ) / و فيها حاول صناع المؤامرة جر الجيش لهاته المعركة بأي شكل / الا أننا لاحظنا خلال العدسات أن الجنود المتواجدين في مسرح العمليات دخلو آلياتهم و رفضو التدخل في هاته المواجهة / بعدها حاول تنظيم الاخوان اتهام الجيش المصري بتآمره على المعتصمين بساحة التحرير / لكن الأحداث كشفت فيما بعد أن المعركة كلها من تنفيذ و تخطيط تنظيم الاخوان / و لولا تفطن المخابرات المصرية للأمر / لوقع الجيش المصري في هذا الشرك .
لم يدخر أعداء مصر في الدخل و الخارج جهدا من أجل اسقاط مصر / فاستمرت الاضطرابات بالبلاد / و أيقنت صقور مصر / أن تطبيق الخيار الثاني بات هو الحل الوحيد أمامهم / فخرج الداهية الراحل ( الجنرال عمر سليمان ) في خطاب تاريخي يعلن فيه تنحي الرئيس المصري مبارك عن الحكم / و ترك جميع سلطاته في يد المجلس العسكري / و كان أداء سليمان أثناء القاء الخطاب أكثر من رائع / حيث أقنع الرجل – رحمه الله – الجميع في الداخل و الخارج من خلال ملامح وجهه المنكسرة و نبرة كلماته الحانية أن الهزيمة لحقت بمصر / و أن الأعداء انتصرو .
و قبل هدا الخطاب بساعات كانت ميادين مصر قد اكتظت بأعداد غفيرة من الناس / و بشهادة تنظيم الاخوان نفسه فان الأعداد بلغت 20 مليونا / و حسب متابعتنا للشاشات خلال الأيام التي سبقت هدا اليوم / فقد كانت الأعداد في يوم 11 فيفري غير معقولة / فظن الأعداء أن الشعب كله قد نزل / لكنهم لم يفكرو في سر نزول تلك الأعداد تحديدا في يوم خطاب التنحي ! / فهل كان هؤلاء يعرفون أنه يوم رحيل مبارك ؟
كما كانت تلك الملايين تحمل معها الألعاب النارية / التي أطلقوها بكثافة عقب الخطاب / ليباركو لعدوهم انتصاره / و ليأكدو له أن مصر سقطت بالفعل .
و فيما انشغل النشطاء بقصة ( الرجل الذي يقف خلف سليمان ) / و فيما انخدع الاخوان و الغرب و الصهاينة بانضمام الشعب المصري للمخربين و دعاة الفوضى / كانت تلك اللعبة من أروع ما نفذته المخابرات المصرية في هاته المعركة / و لقد كان لها الفضل في انهاء الفوضى العارمة / ليتم اخلاء الميادين / و لتتواصل المعركة التي لم تنتهي فصولها عند هذا الحد .

جزاك الله خيرا