في حياة الشعوب ، لحظات خالدة ، تبرز فيها تحديات هائلة ، وعلي قدر عظمة الشعب ، يقف ليواجه التحدي ، ولقد اثبت الانسان المصري والشعب المصري عموما علي مر التاريخ انه كان قدر المسئولية وفي ميعاد التحديات الكبري اثبت انه انسان من طراز فريد ، لقد حبي الله مصر بموقع جغرافي متميز في قلب العالم تقريبا فهي الفاصله والواصله بين افريقيا واسيا واوروبا وبها يمر اهم ممر مائي في العالم ، واعطاها في قدره المقدور عز وجل تاريخا لايضاهيه تاريخ ، وكرمها في كتابه فكانت هي البلد الوحيد المذكور في القراءن الكريم ، واليوم تقف هذه البلد ويقف هذا الشعب في تحدي يعتبر من ابرز التحديات التي مرت به عبر تاريخه الطويل وهو تحدي انشاء سد النهضة الاثيوبي ، والذي ان لاقدر الله وتم بناءه فسيدمر الزراعة المصرية ويصيب فئة كبيرة من المجتمع بالبطالة والتفكك ، بخلاف ان مصر لن يكون لها خيار سوي تحلية مياة البحار بتكاليفها العالية واستيراد المحاصيل الزراعية التي كانت تزرعها ليزيد ذلك من الفجوة الغذائية الموجوده اصلا ، ويؤقت لعقود وعقود بل ربما يمنع نهائيا اي محاولة للتقدم والرقي .
واذا كان المؤرخ اليوناني هيرودوت قد قال واصفا العلاقة التي تربط بين مصر والنيل بمقولة حفظها التاريخ " مصر هبة النيل " ، فأننا نقول ان مصر هبه من الله عز وجل ، وان النيل هبه من الله الي مصر ، ولن نجد افضل من قصة فتاة النيل التي كانت تلقي لارضائه كل عام منذ عهد الفراعنة ، فلم يفيض النيل بعد دخول المسلمين لمصر ، فالقي سيدنا عمرو بن العاص رسالة كتبها امير المؤمنين الفاروق " عمر بن الخطاب " قال فيها " ايها النيل اذا كنت لا تفيض إلا بضحية من البشر، فلا تفض، وإن كنت تفيض بأمر الله ، فأفض "، ثم ألقى بالرقعة في النهر، فجاء الفيضان عظيما ، وباذن الله سيظل النيل يصل مصر كما كان منذ الاف السنين الي يومنا هذا وباذن الله ستظل مصر امنه ، يقول عز وجل : " ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) ، بفضل الله عز وجل .
جون بريستد
ومن بعده شعب امين قال عنه عالم المصريات والمؤرخ البريطاني الشهير " جون بريستد " : " هذه الجحافل من البشر التي فاقت في دقتها ونظامها وتتابعها دقة النمل ، اي دافع سحري كان يحرك فلاحي مصر القديمة ، ويزودهم بقوة سحرية تعينهم علي رفع احجار الهرم الاكبر التي يزن الواحد منها عشرات الاطنان ، اي قوة خفية سرت في عروق هولاء الفلاحين البسطاء فحولت اذرعهم النحيلة الي الات رفع جبارة ، احكمت وضع هذه الصخور بعضها فوق بعض بدقة معجزة ، ونظام محكم كانت ثمرته الاسطورة هذا الهرم الجليل معجزة الهندسة في فجر الحضارة ومعجزة الارادة البشرية عندما يريد البشر " ، شعب قال عن مافعله في اكتوبر 73 الجنرال الامريكي ايثيل بانجر : " ان اسرائيل بقيت قائمة كدولة لاننا لم نخنها ، فبدون الاسلحة والنفاثات الامريكية كان محتوما ان تفني اسرائيل ، شعب استطاع في ست سنوات ان يحول قواته الجوية من حاله دمار شامل الي تنفيذ الضربة " صدام " التي تعتبر وسام شرف لاية قوة جوية في العالم لانها حطمت جميع الارقام القياسية السابقة من حيث نسبة تحقيق الاهداف ضد العدو ، او هبوط نسبة الخسائر بين القوة المهاجمة ، في مواجهة مستوي اخلاقي وضيع اقل مايوصف به انه يدل علي انحراف واضح في مكونات الفكر السياسي الاثيوبي بصفة خاصة .
في هذا الموضوع باذن الله سنقدم نتاج جهد شاق بذله كل اعضاء الفريق لوضع الملف الذي يشغل نسبة كبيرة من تفكير المواطن المصري بل والعربي حاليا ، لنقدمه هدية مستحقه الي اعضاء منتدي الجيش العربي ، لم نكتفي بدراسة الامر عسكريا ، وان لم يكن ليلومنا احد لو قصرنا بحثنا علي ذلك ولكننا اصررنا ان تكون الهدية متكاملة فبحثنا الامر قانونيا وسياسيا واقتصاديا والعديد من الامور الاخري ، بخلاف الدراسة العسكرية بالقطع ، والتي سيتم طرحها بمرور 48 ساعة من طرح الموضوع ، لنعطي فرصة لدراسة الامر من جوانبه المختلفة اولا ، ويبقي الطرح العسكري كالحل العسكري للازمة ، اخيرا ، ولنقدم لكم ملفا شاملا لكل اوراق الصراع ، صراع المياة ، صراع الحياة .
ثانيا : السد تاريخيا :
أن المعاهدة التي تم توقيعها في العام 1929 بخصوص مياة النيل أعطت لمصر الكثير من الحقوق ومنها حصة ممتازة من المياة خصوصا بتقدير ذلك الوقت ، ورفعت المعاهدة التي وقعت عام 1959 من نصيب مصر مرة اخري ، فحصلت مصر علي 66 % من المياة التي تصل لها هي والسودان وحصلت السودان علي بقية الحصة اي بنسبة 44 % ، ، ومن المدهش ان نكتشف معا ان بعض الاباطرة الاثيوبيين بعد دخول الاسلام لمصر هددوا بتحويل مياة النيل وقطعها عن مصر .
والحقيقة ايضا ان فكرة انشاء سدود في اثيوبيا ليست بنت اليوم ، ولكنها قديمة ترجع الي عقود وتحديدا منذ العام 1964 ، ففي دراسة اجريت بواسطة مكتب الاستصلاح الأمريكي us bureau of reclamation ، حدد 26 موقعًا لإنشاء السدود ، أهمها أربعة سدود على النيل الأزرق ، وحمل سد الألفية في تلك الدراسة اسم سد "بوردر" و لم يكن الهدف الأمريكي في هذا التوقيت تنمية القارة الافريقية بقدر ما كان الهدف هو التأثير سلبا علي تقدم الدولة المصرية و عرقلة خطط عبد الناصر .
شعار مكتب الاستصلاح الامريكي
فالجميع يعرف ان من لا يملك قوت يومه لا يملك قرارة لذلك لجات امريكا الي تدمير مشروعات التنمية الزراعية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ابتداء من عرقلة بناء السد العالي ، ومنع البنك الدولي من تمويل المشروع وبعد تأميم القناة وشروع عبد الناصر في بناء السد لجأت أمريكا الي هذه الحيلة متوهمه انه يمكنها إيقاف ما بدأه عبد الناصر ، ولكن الدراسات أكدت فيما بعد أن سد الألفية (سد النهضة) سلاح غير قابل للتنفيذ على أرض الواقع ، ويرجع سبب ذلك إلى أن تربة أثيوبيا غير صالحة لإنشاء سدود وأنه إذ تم إنشاء سد الألفية (النهضة)، لكى يمثل تهديد مائي لمصر، فاحتمالية صمود السد ورسوخه أقل بكثير وتكاد تكون معدومة مقارنة بسقوطه وانهياره .
وبالرغم من نتائج هذه الدراسة بدأت مشكلة السد الإثيوبي خلال حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فبعد أن تطورت علاقات مصر بدول أفريقيا أثناء حكم " عبد الناصر " الذى حرص على دعم حركات التحرر من الاستعمار في عدد من هذه الدول ، ونتيجة للاتفاق السياسي، لم تشهد مصر خلافاً على قضية المياه ، خصوصاً أنه كانت تجمع الرئيس المصري جمال عبد الناصر والإمبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسى علاقات قوية، ورغم فترة الوفاق تلك، سرعان ما نشبت الخلافات بين البلدين ، على خلفية قيام مصر ببناء السد العالي دون استشارة دول المنبع، وهو ما عارضته إثيوبيا بشدة.
صورة بها من اليمين البابا كيرلس السادس بابا الكنيسة المصرية ثم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، فالامبراطور الاثيوبي هيلا سيلاسي ، واخيرا الرئيس الراحل / محمد انور السادات في حفل افتتاح الكاتدرائية المرقسية باثيوبيا .
وتوقف المشروع و الدعم الامريكي له بعد نكسة يونيو 1967 حيث توقف بالفعل معدل النمو و التنمية في مصر و توجهت موارد الدولة لدعم المجهود الحربي لاستعاده الارض و الكرامة و لم يتم بناء هذا المشروع وقتها ، و بعد حرب اكتوبر و اتفاقية السلام تحديدا قامت الولايات المتحدة الأمريكية عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بتمويل دراسة شاملة عن أوجه التعاون المحتمل قيامها بين مصر وإسرائيل مائيًا وذلك في الفترة التي انتعشت فيها عملية السلام المصرية – الإسرائيلية ، حيث قامت في عام 1976 م بتمويل مشروع ترشيد استخدام مياه الري في مصر وقد أثار هذا المشروع تساؤلا عما إذا كان الغرض من المشروع توفير مياه لمصلحة إسرائيل.
وعادت الأزمة لتطل برأسها من جديد فى عهد "السادات"، بعد أن أعلن الرئيس الراحل عن مشروع لتحويل جزء من مياه النيل لري 35 ألف فدان فى سيناء، وهو ما رفضته إثيوبيا، باعتباره خطرا يهدد مصالحها المائية، وتقدمت بشكوى إلى منظمة الوحدة الأفريقية في ذلك الوقت تتهم فيها مصر بإساءة استخدام مياه النيل، واحتدم الخلاف إلى حد تهديد الرئيس الإثيوبي في ذلك الوقت ''منجستو'' بتحويل مجرى نهر النيل، ليرد السادات بأن مياه النيل ''خط أحمر''، وأن المساس بها مساس بالأمن القومي المصري ، وقال بشكل واضح عام 1979 : " انه اذا كان هناك ما سيدفع مصر لخوض حرب جديدة فهي المياة " معلناً أنه سيدمر السد بمجرد بنائه ، دون اعتبار لأى أمور أخرى غير مصلحة مصر .
و هذه المرة لم يكن هناك مصلحة لإسرائيل او امريكا في هذا التهديد و لكن الفكرة التي انمتها امريكا في عقول النظام الاثيوبي يصعب تحجميها و لم تجد اثيوبيا اي دعم هذه المرة في اقامة سدها المزعوم خاصة بعد تهديد الرئيس الراحل انو السادات باستخدام القوة و الجميع كان يعلم ان هذا الرجل سينفذ تهديده لا محالة لذلك أيضا لم تتم اقامة السد .
و خلال فترة حكم الرئيس مبارك أصدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن عام 1988 م بحثاً عن السياسة الخارجية الأمريكية إزاء الموارد المائية في الشرق الأوسط بهدف انتهاج استراتيجية للمستقبل لتعزيز المصالح الأمريكية في المنطقة وقد حددت الدراسة أزمة مياه حوض نهرالنيل وكيفية معالجتها وابرزت ان مياة النيل مصدر تحكم في كل من مصر والسودان، وجدير بالذكر ان وزير دفاع مبارك الاول " المشير / محمد عبد الحليم ابو غزالة " أعلن في دستور قواتنا المسلحة المصرية ان الجيش المصري سيوجه ضربه لاي مشاريع تضر بمصالح مصر في دول حوض النيل .
وتم استكمال العمل بالفعل في ترعة السلام و لم تحرك اثيوبيا ساكنا و حين استكمل المشروع في عهد الرئيس مبارك و تدفقت المياه الي سيناء بالفعل وطالبت اسرائيل باستكمال الترعة اليها فرفضت مصر و اوقفت المشروع و لم تحرك امريكا الموقف لصالح اسرائيل كما جرت العادة "حتى فترة بوش الابن الثانية وتحديدا منذ غزو العراق" ما دفع إسرائيل الي التحرك منفرده في افريقيا بشكل عام وفي دول حوض النيل بشكل خاص منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي، ما فسره المراقبون بأنه التطور "الأخطر" على الأمن المائي للدول النيلية لاسيما التي تناصبها إسرائيل العداء وعلى رأسها "مصر".
ثالثا : اقتلوا مبارك ليعيش السد :
بالنسبة لمجريات الاحداث فمن المنطقي تماما ان يكون مخططي المشروع قد وصلوا لاعتقاد مفاده ان الرئيس المصري الاسبق " مبارك " كان يمثل حجر عثرة في طريقهم لانشاء السد ، فكان القرار هو التخلص منه ، وكان من الانسب لابعاد الحرج عن اثيوبيا امام المجتمع الدولي ان يقوم بالعملية متطرفين اسلاميين ، خصوصا ان تلك الفترة شهدت معركة بين اجهزة الامن المصرية والجماعات المتطرفة ، وكان سيخرج الاغتيال امام العالم بصورة ان الجماعات التي يحاربها مبارك في بلاده نجحت في اغتياله في اثيوبيا ، وكانت الفرصة سانحة تماما في العام 1995 ففي هذا العام كانت اثيوبيا ستستضيف " مؤتمر القمة الافريقي " وسيحضر مبارك .
رجال الحراسة المصريين تصدوا لمحاولة الاغتيال وقوفا ، وهو ما اشاد به مبارك بعد عودته الي مصر .
10 مسلحين كانوا هم مهاجمي مبارك في اديس ابابا ، وتحرك موكب الرئيس مبارك من المطار وفجأة بدأ اطلاق النيران ضد سيارته ولكن قوة حراسته نجحت في مهارة وسرعة في قتل خمسة من المهاجمين وهم (عبد القدوس القاضي ، مصطفي عبد العزيز محمد ، شريف عبد الرحمن أمير الجماعة الإسلامية باليمن ، عبد الهادي مكاوي ، ومحمد عبد الراضي) وتمكن ثلاثة آخرون من الهروب وهم (مصطفي حمزة الذي سلمته المخابرات الإيرانية إلى مصر ونائبه عزت ياسين الذي جمع المعلومات عن وصول موكب مبارك واستخرج جوازات سفر سودانية ويمنية ليستخدمها أفراد المجموعة ، أما الهارب الثالث فهو حسين شميط المسئول عن تسليم الأسلحة والتي نقلت من الخرطوم إلي أديس أبابا في حقائب دبلوماسية مليئة بمدافع الكلاشنكوف والذخيرة وقاذفات "آر.بي.جي " وقنابل يدوية ، وقد ألقت المخابرات الإثيوبية القبض على ثلاثة آخرين في تنفيذ تلك العملية والذين لم يتمكنوا من الهرب وهم صفوت عتيق، وعبد الكريم النادي، والعربي صدقي حيث حكم عليهم بالإعدام حينذاك ولم يطبق عليهم الحكم حتى الآن ولا يزالون مسجونين بأحد المعتقلات الحربية في إثيوبيا حتى اليوم ، او هكذا يقال ففي فترة حكم الرئيس السابق مرسي عاد بعضهم الي مصر .
رابعا : اسرائيل واثيوبيا والسد :
اذن الموقف المصري واضح وثابت ، والاهم من ذلك كله انه موقف قوي ، بقيادة سياسية ترفض اقامة اي سدود ، وقوة عسكرية تستطيع اجهاض اي عمل مماثل ، وقدرة معدومة علي توجيه ضربة مضادة لمصر ، او حتي التصدي لهجمة يشنها المصريين ، فكان لابد منطقيا من اضافة عامل جديد للمعادلة ، يهمه التأثير والضغط علي الدولة المصرية ، ولايوجد انسب من اسرائيل للقيام بذلك ، فهي العدو الاول لمصر ، وتدرك جيدا ان مصر هي عدوها الاول واخطر تهديد عليها ، وفي العام 1989 تحديدا اعادت اثيوبيا علاقتها باسرائيل رسميا .
ولنعرض فيما يلي كيف لهث الطرفان تجاه بعضهما البعض لاقامة مايشبه بالتعاون الاستراتيجي وكل منهما يعرف انه سيكون مفيدا ضد قلب العروبة "مصر" :
1 - قامت كلا الدولتين بانشاء سفارات لدي بعضهما البعض .
2 - قدمت اسرائيل لاثيوبيا معدات عسكرية في صورة " صفقات " بل ووصل الامر الي تقديم " مساعدات " ، بل صعد الامر لتصبح اسرائيل احد اوثق مصادر السلاح لدي الاثيوبيين .
3 - اثناء الحرب مع اريتريا والتي انتهت بانفصال الاخيرة عن اثيوبيا قامت اسرائيل بدعم مختلف الحكومات الاثيوبية لاخضاع الحركة التحريرية الاريترية .
كان ذلك ماظهر اثناء فترة مابعد اعادة العلاقات الرسمية بين البلدين ، ولكن هل كانت العلاقات قطعت فعليا ؟ الاجابة هي لا بالقطع ونعرض مظاهر وادلة ذلك فيما يلي :
1 - بعد انتهاء الحكم الامبراطوري تواجد مستشارين عسكريين اسرائيليين في اثيوبيا .
2 - في العام 1978 اعلن وزير الخارجية الاسرائيلي وقتها " موشية ديان " بأن بلاده تقدم مساعدات عسكرية وامنية الي اثيوبيا .
3 - في العام 1983 قدمت الكوادر الاسرائيلية تدريبات للاثيوبيين في مجال الاتصالات العسكرية .
4 - في العام 1984 قامت اسرائيل بتدريب قوات الحرس الرئاسي الاثيوبي .
5 - في نفس العام تم ارسال خبراء وفنيين اسرائيليين للخدمة في صفوف الشرطة الاثيوبية .
6 - في نفس العام حدثت مساعدة بين البلدين لتنفيذ العملية " موسي " والتي نقلت اسرائيل من خلالها اليهود الاثيوبيين " الفلاشا " الي اسرائيل خلال مجاعة العام 1984 ، ونجح الاسرائيليين في نقل 10 الاف يهودي .
7 - في العام 1985 وردت العديد من التقارير ان اسرائيل باعت بما لايقل عن 20 مليون دولار - رقم كبير في منتصف الثمانينات - ذخائر وقطع غيار سوفيتية الصنع استطاعت الحصول عليها في قتالها ضد الجيش السوري اثناء اجتياحها للبنان .
8 - في العام 1987 قال الاريتريين ان اسرائيل ساعدت النظام الحاكم في اثيوبيا بمساعدات عسكرية وصلت قيمتها الي 83 مليون دولار ، وبنفس العام وصل الي اثيوبيا 300 مستشار عسكري اسرائيلي ، ووصل 38 طيار اثيوبي الي اسرائيل للتدريب علي يد سلاح الجو الاسرائيلي .
وكما ذكرنا في البداية ان عودة العلاقات رسميا حدثت في العام 1989 ، ومع نهاية هذا العام ورد من اسرائيل ان هناك اتفاق رسمي يقضي بتوفير اسرائيل مساعدات عسكرية ضخمة لاثيوبيا ، في مقابل السماح لاسرائيل بأن يهاجر اليها اعداد اكبر من اليهود الفلاشا ، وان التعاون في مجال المخابرات بدأ بين البلدين ، واعلن الاثيوبيين ان الخبراء الاسرائيليين كان لهم فضل كبير في تطوير تكتيكات الجيش الاثيوبي ليستطيع مجابهة الاريتريين ، ووصل للاثيوبيين 150 الف رشاش اسرائيلي ، اعداد من القنابل العنقودية ، من 10 : 20 مستشار لتدريب الحرس الرئاسي الخاص ، عدد غير معروف من خبراء القوات الخاصة لتدريب وتطوير الكوماندوز الاثيوبي ، وذكرت تقارير لم يتم التأكد منها بشكل تام ان الاسرائيليين وفروا كاميرات مراقبة للطيران الاثيوبي .
كان ذلك من الناحية العسكرية والسياسية ، اما من الناحية الاقتصادية فالحقيقة ان التعاون التجاري بين البلدين لم يتوقف يوما ما عن النمو ، من مطلع الثمانينات حتي يومنا هذا ، ومن ابرز الامثلة فوز شركة تصنيع الهواتف المحمولة في اسرائيل Dafron بعقد بيع 2 مليون جهاز كمبيوتر محمول في اثيوبيا ، وقامت اسرائيل بخطوة استراتيجية في هذا الاطار من خلال مساعدتها في تطوير مناجم البوتاس الاثيوبية في فبراير الماضي ومن المتوقع ان تنتج هذه المناجم حوالي مليون طن من البوتاس سنويا في غضون خمس سنوات حيث فازت شركة " كيماويات اسرائيل " بعقد مع شركة كندية للقيام بهذا المشروع ، وتستورد اسرائيل من اثيوبيا منتجات كالسمسم ، البن ، الحبوب ، الجلود ، التوابل ، البذور الزيتية ، والصمغ الطبيعي .
وكان اخر مايمكن ان نرصده في اطار ذاك التعاون اقتصاديا المؤتمر الذي عقدته في مارس من العام الماضي بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا ستين شركة اسرائيلية تعمل باثيوبيا في مجالات : " الزراعة ، تربية الحيوانات ، الدواجن ، منتجات الالبان ، الري ، مصائد الاسماك ، الصناعات الكيمائية المستخدمة في الزراعة ، ومنتجات اخري " وحضره وزير الزراعة الاسرائيلي " يائير شامير " ، والذي اعلن ان بلاده ستنقل للاثيوبيين تكنولوجيا الزراعة الحديثة ، بينما دعي نظيره الاثيوبي الاسرائيلين لزيادة استثماراتهم والاستفادة من موارد بلاده الغذائية .
وفي فبراير هذا العام حصلت شركة Natifa الاسرائيلية علي قرض بأكثر من 100 مليون دولار لتنفيذ مشروع ضخم لصناعة قصب السكر باثيوبيا من احد البنوك الاسرائيلية ، وستعمل الشركة الاسرائيلية مع شركة اثيوبية محلية وستوقع العقود قريبا بين الحكومتين ، وهذا واحد من عشرة مصانع بنتها وتبنيها شركة السكر الاثيوبية في اجزاء مختلفة من البلاد ، وسينتج المصنع الاسرائيلي سنويا 484,000 طن سكر ، و20,827 متر مكعب من الايثانول ، وسيعمل هذا المشروع اعتمادا علي سد اخر هو سد " مايو يوم " وسيمد السد بمياة كافية لري 45,000 هكتار من الاراضي ، وسيزرع بالهكتار الواحد مايقدر بمائة واربعين طن .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]و كثفت إسرائيل من تحركاها في القارة السمراء بصفة عامة و مع دول منابع النيل بصفة خاصة وعلي رأسها اثيوبيا ، حتي قام وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان في شهر سبتمبر 2009 بزيارة الى خمس دول افريقية من بينها كينيا و اوغاندا و اثيوبيا حيث وقع على اتفاق معها في مجال إدارة مصادر المياه وإدخال طرق حديثة إلى القطاع الزراعي، كما وقع على بيان للتعاون في مجالات الصحة، الزراعة، التعليم، الأمن وخدمات الطوارئ، والطاقة، والمياه والري، كما تمت مناقشة سبل توسيع حجم التبادل التجاري بين الدولتين ، و بعد هذه الزيارة تم توقيع اتفاقية عنتيبي عام 2010 !!! ، واشارت العديد من التقارير المحترمة ان الشركات الاسرائيلية ستعمل علي شراء ومن ثم اعادة بيع الطاقة التي سيولدها السد .