أنا المسجد الأقصى

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
............................... و بعد
أنا المسجد الأقصى
أولى القبلتين و
ثالث الحرمين الشريفين
بي مسرى سيد المرسلين صلى الله عليه و آله و سلم
و في
محرابي أُقيمت أعظم جماعة صلت على وجه الأرض
الصلاة فيّ بخمسمائة صلاة و يضاعف
الله لمن يشاء
حررني من الأسر الفاروق عمر، و كسر قيود الاستعمار صلاح
أقطن
في بلاد الزيتون ..... أرض الرباط و الكفاح... أرض فلسطين
عرفني التاريخ بصمودي
أمام الأعداء
و بشموخي أمام الأدعياء
فلم تتعرض بقعة على وجه الأرض لما تعرضت
له و ما زلت صامدا و سأظل بإذن الله
أنا المسجد الأقصى..........
أنا دمعة في
عين كل مسلم
أنا جرح في قلب كل مؤمن
أنا صرخة تبحث عن معتصم
أنا الحزن في
أقسى صوره
أنا الألم في أمر معانيه
أنا المسجد الأقصى.......
أنا الجرح
القديم و الحزن الطويل
أنا الصمود في زمن الإنهزام
أنا الشموخ في زمن
الإنكسار
أنا العزة في زمن الذل
أنا المسجد الأقصى
أنا من باركني الله
فقال (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا
حوله )
أنا من تعطرت أرضي بدماء الشهداء
أنا العفة في يد مغتصب
أنا الطهر
في يد الأنجاس
أنا المسجد الأقصى
أبعث إليكم هذه الرسالة نابعة من كل ذرة في
محيطي الصامد.......
فارعوني أسماعكم يا رعاكم الله
أحبتي
أما والله لو
ذقتم لذة السجود على أرضي الطاهرة لما تمنيتم أن ترفعوا رؤوسكم
و لو تعفر جبين
أحدكم بتراب أرضي لازداد وجهه نوراً و ضياءَ
و للفحت من غبار أرضي في أُنوف
الصادقين تفوق الورد و الريحان بل و الكادي
و لو صلى أحدكم في محرابي لعانقت
روحه السماء و لامتزجت دموعه بريقه فرحاً
التسبيح بين حيطاني تكاد تطير منه
الأرواح
و التكبير في ساحاتي يشعر المؤمن بعزة دينه
و الله إن أسوار بيت
المقدس اشتاقت لمجيء عمـــر
و إن مــآذن القــدس مازالــت تترنـــم بأذان
بلال
الله أكبر ..... الله أكبر
الله أكبر ..... الله أكبر
أشهد أن لا إله
إلا الله......... أشهد أن لا إله إلا الله
أشهـد أن محمــد رسول الله
عذراً
أحبتي
فلقد ذكرت بلالاً حين و قف عند هذه الجملة يبكي و لم يستطع أن
يكمل
أحبتي
للعبادة على أرضي ذوقٌ آخر و أسألوا عنه الفاروق عمر!
فما خرج
من مدينة الحبيب صلى الله عليه و آله و سلم إلا إلي.
و أسألوا عنه أطفال
فلسطين!
فما أن شربوا من كأسه حتى تسابقوا يدافعون عني بالحجارة
أمام تلكم
المجنزرات اليهودية، و ما ظنكم بصبي في يده حجر!
أحبتي......
المؤمن للمؤمن
كالبنيان يشدُ بعضه بعضا، و مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد
الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر و
الحمى.
أحبتي....
إلى الله وحده المشتكى! لكن اسمحوا لي أن أنبش تلكم
الجراحات فيكم و أروي لكم بعض أخباري لعلكم تتذكرون
فإن الذكرى تنفع
المؤمنين
لقد مضى علي في الأسر ما يقرب من ستين سنة ولم ينحل ذلك
القيد...
عشتها في معاناة أليمة
لم أنعم فيها بهدوء الليل و لا بأمان
النهار
ليلي و نهاري قريبا من السواء
هدم للمنازل، و قتل للأبرياء و هتك
للأعراض! و إلى الله وحده المشتكى
المخطط لهدمي هو الهدف المنشود للدولة
اليهودية
و الله خير حافظا و هو أرحم الراحمين
أحبتي....
لقد تصدعت حيطاني
من أثر الحفر
و بُح صوتي و أنا أُناديكم
و جفت مدامعي بعد طوال البكاء
و
بدأت بعض جهاتي مهددة بالسقوط كباب المغاربة
و ما ذلك إلى من عِظم الحفريات و
الأنفاق تحتي و التي تجاوزت الثلاثة عشر ألف متر مربع
و مازلت صامداً
و سأظل
بإذن الله، لكن متى ستنهضون؟
أحبتي
آهٍ من ذل الأسر ما أشد قهره
و آهٍ ثم
آهٍ من طعم الظلم ما أمر غصصه
لقد دافع عني شباب فلسطين و أطفالهم بل حتى النساء
و العجزة، دافعوا عني بكل ما يملكون، و جادوا بأرواحهم.
و إلى الله وحده
المشتكى.
مازلت في الأسر أرقب النصر المبين
مازلت أرقب عمر..... مازلت أرقب
صلاح الدين
و إنا لله وإنا إليه راجعون

فأين الفارس المغوار يأتي**** يفك
القيد أعياني الهجيرُ

ليتني أعيش الأمن ساعة
ليتني أُباهي الدنيا بكثرة
المصلين و الذاكرين في ساحاتي
ليتني أرى الشباب الخُشع و أسمع تضرعهم إلى الله و
قد قدموا من كل فج عميق
كم اشتقت لأن أكون مثل مكة و المدينة لا تخلو من العُباد
الذاكرين
كم اشتقت لكم إخوتي!
كم و كم لكن حسبي الله و نعم الوكيل نعم المولى
و نعم النصير,.
أحبتي
اسمحوا لي أن أُعاتبكم قليلا لأنه

إذا ذهب
العتاب فليس ودٌ**** و يبقى الود ما بقي العتابُ

إنه ليحزنني كثيراً ما
أراكم عليه

أيهنأ عيشكم يا قوم إني **** أُجرع كأس حنظلهم مريرُ

فكيف
يهنأكم ما أنتم فيه من رغد العيش و أنا و شعبي نذوق ألوان من العذاب كل
يوم

شعوب الأرض في دعةٍ وأمن ****وهذا الشعب تنهشه القروح

تناوشه
الطغاة فأين يمضي **** وهل بعد النزوح غداً نزوح
يقارع طغمة الإجرام فرداً ****
وتشكو للجروح به الجروحُ



فما بالكم عنا
ما بال أطفالنا يموتون من
الجوع و نقص الغذاء و أطفالكم يحتارون في كثرة الألعاب
ما بالنا لا نجد ما يسد
حاجتنا من اللباس و أنتم تتنعمون في أرفه لباس
ما بال مرضانا لا يجدون الدواء، و
أنتم تنفقون أموالكم في الملذات و الشهوات
ألسنا إخوة في الدين؟
أليس المسلم
أخو المسلم لا يُسلمه و لا يخذله؟
ألا ليت شعري من يسمع النداء
فيجيب!

كتبنا بالدم الغالي بيانا *** نخبر من نحب بما دهانا
و ننقل صورة
عنا إليكم *** ترون بها الحرائق و الدخانا
ترون مدامع الأطفال دما *** يجمدها
الجليد على لحانا
ترون نساءنا متلفعات *** بحسرتهن ينشدن الحنانا
ترون شيوخنا
عجزت خطاهم *** فما هربوا و لا وجدوا الأمانا
ترون بيوتنا صارت قبورا *** و تحت
ركامها دفنوا رؤانا
أحبتنا أعادينا قساة *** فلا تتعجبوا مما ترانى
هم
إختطفوا هدوء الليل منا *** و من أجواءنا سرقوا شذانا

أحبتنا لنا حق عليكم
*** و من عرف الحقوق رعى و صانا

أقمنا حجة الإسلام فيكم *** و أحيينا الجهاد
على ثرانا
بذلنا النفس للمولى و طرنا *** بأجنحة الرضى لما دعانا
فماذا
تبذلون لنصر دين *** وأعينكم بلا غبش ترانا
ألستم تبصرون دخان غدر *** وإرهابا
به الباغي رمانا
تكامل موقف الأعداء منا *** و أيد بعضهم بعضا
عيانا



أحبتي
لقد طال أبناء فلسطين من العذاب ما لا يصفه واصف, و
ما ذلك إلى لصمودهم في الدفاع عني.
و أكبر دليل ما يعانيه أبناء غزة العز و
الإباء في هذه الأيام، فمنذ أشهر و هم يتعرضون لحصارٍ اقتصادي واسع أشبه بذلك
الحصار الذي و قع على الحبيب صلى الله عليه و آله و سلم في شعب أبي طالب.
فقُطع
عن أطفالهم الغذاء و عن مرضاهم الدواء و مازالوا صامدين.....
رافعين شعار
"
المرضى بلا دواء ..... و الأطفال بلا غذاء ...... و والله لن نخضع إلا لرب الأرض و
السماء"
لن نضعف و لن نستكين لأن الله يقول ( فما وهنوا لما أصابهم و ما ضعوا و
ما استكانوا و الله يحب الصابرين )
حتى لو خذلتمونا
حتى لو تركتم أطفالنا
يموتون من الجوع و الله لن نخضع إلا لله وحده.
آهٍ عليك يا فلسطين
آهٍ ثم آهً
ثم آهـ
أحبتي
إن فلسطين طفلة دهستها دبابة أمام أعين أهلها و ذويها
إن
فلسطين عذراء إنتُهك عرضها و أهلها ينظرون
إن فلسطين شيخٌ عاجز حطمته
القذائف
و شاب مزقته الصواريخ
إن فلسطين شعب بأكمله يعيش الظلم و
العدوان
فأين أنتم أحبتي
أين علماء المسلمين؟
أيا علماء المسلمين
أين
أنتم يا و رثت الأنبياء
أين أنتم يا شمس النهار
أين أنتم يا بدر
الظلام
أين دوركم في فك هذا القيد
أين أنتم من قول الله ( و إن استنصروكم في
الدين فعليكم النصر)
أين منابركم ؟ أين جهادكم؟
أما تكفي ستون سنة ليتعين
فيها الجهاد في قاموسكم فتصدحوا به على المنابر
أين أنتم يا نور الأمة من قوله
صلى الله عليه و سلم ( المسلم أخو المسلم لا يُسلمه و لا يخذله )
ألسنا إخوة في
الدين؟
فما بالكم عنا!
أيا أسد الإسلام أسامة....
عجبا لك !
كيف تأخرت
عني؟
عجبا لك كيف طرت لبلاد الأفغان و أنا دونك!
ألم تسمع بحديث ( بيت المقدس
و أكناف بيت المقدس )
ألم تهب عليك مني نسائم من ريح الجنة؟
لو كان غيرك
لعذرته لصعوبة الوصول
لكن أنت لا .... و ألف لا
أتدري لماذا يا أسد
الإسلام؟
لأني أحبك
لأني أرى فيك عمر
و أرى فيك صلاح الدين
بل أرى فيك
أسامة بن زيد و أرى فيك كل أسد هصور هب لذود عن دينه و عرضه
أيا أيها البغدادي
الهاشمي
أين أنت أيها الحبيب
ألم يبلغك حديث ( فكوا العاني )
ألم يبلغك أن
النبي الهاشمي صلوات ربي و سلامه عليه وصى بالجار
فلماذا تأخرت؟
أيا عباد
الليل
أين أنتم يا عباد الليل؟
أين أنتم يا من تجافت جنوبهم عن
المضاجع؟
أين أنتم يا عشاق الأسحار؟
أين نصيبي من سهامكم؟
أين نصيبي من
سهام الليل التي لا تخطئ
أم أنكم ظننتم به عني لدنياكم
أيا شباب
الإسلام
أين أنتم يا عماد الأمة؟
أتنامون على الضيم!
أألبس ثوب الذل و
أنتم صامتون؟
أينتهك عرضي و أنتم ساهون!
أيشهد التاريخ عليكم
أيشهد أنكم
ملأتم ملاعب الكرة في وقت أنا فيه أشد حاجة لكم و لدعائكم
أيشهد أن منكم من آثر
سماع الأغاني على القرآن
أشهد يا تاريخ
أن من شباب أمة محمد من استبدل
المساجد بالمقاهي
و أشهد يا تاريخ أن من شباب أمة محمد من السواك بالدخان
و
أن منهم من سهر على الحرام و أن أسهر على الظلم و العدوان
و للإنصاف يا
تاريخ
أشهد بأن من شباب أمة محمد من تمسك بدينه و كنت همه
فهو في الصباح
يذكرني و في الليل يبكني
و لله دركم يا شباب فلسطين

اُنظرْ هناكَ تراهمُ
*** تحت المآذنِوالقبابْ
يتوضؤونَ من الدموعِ *** الجارياتِ من
الْمَتابْ
عينٌ علىرصدِ العدا *** عينٌ على آيِ الكتابْ
رضيَ الإِلهُ وأَحمدٌ
*** والمسلمونَ عن الشبابْ
عن قدسنا.. عن أرضِنا *** من يَستميتُ فلا
يُعابْ
أنا لستُ أخشى غيرَ *** جبّارِ السماء،ولا أَهابْ
أيا أمة
الإسلام
و الله لقد استنصرتكم فلا تخذلوني بالمعاصي
و لا تُأخروا النصر عني
فو الله لقد اشتقت لمجيئكم
و لقد صمت هن الفرح زمناً طويلا فمن يكسب الأجر و
يفطر صائما و له مثل أجره
أحبتي
اعلموا أن صفات الذين يفوزون بهذا الأجر
العظيم مليئة في كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و آله و سلم و منها أنهم
(يذكرون الله قياما وقعودا وعلىجنوبهم و يتفكرون في خلق السموات و الأرض ) تراهم (
في بيوت أذن الله أنترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصالرجال لا
تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة يخافون يوماً
تتقلب فيه القلوب و الأبصار ) لا ينامون الليل بل (يبيتون لربهم سجدا وقياما )
(تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ) ، (إذا ذكر الله وجلتقلوبهم
وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا )، قلوبهم مطمئنة بذكر الله ( ألا بذكر الله
تطمئن القلوب ) (يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) تائبون عابدون حامدون سائحون آمرون
بالمعروف ناهين عن المنكر حافظون لحدود الله
و أخير أحبتي
أعتذر إن قسوت
عليكم
و لكن على أيّ الجنوب سأستريحُ وهذا الجرح في كبدي يصيحُ..
أبشر أيها
الأقصى
أبشر أيها الحبيب
لقد سمع أحفاد من أخرج اليهود من خيبر رسالتك
لقد
سمع أحفاد الفاروق و أبو سليمان و الزبير و البراء و المثنى و عكرمة رسالتك
لقد
سمعت حفيدات أم عمارة رسالتك
و لسان حالهم أيها الحبيب يقول

لئـن عظُـم
اشتياق منك نحوي *** ففي قلبي من الأشواق نارُ

و ختاماً
أسأل الله أن
ينفع بهذه الكلمات و أن يبلغها ما بلغ الليل و النهار