معظمنا يحرص على تعدد اصناف الطعام وتنوعه على المائدة، لكننا لا نحرص على كيفية اعداد هذه الاطعمة بطريقة صحيحة تحفظ قيمتها الغذائية وعناصرها حتى يستفيد منها الجسم استفادة معقولة إن لم تكن كاملة.
ولهذا يجب اعطاء الاطعمة المعدة، خاصة وجبات رمضان حقها من العناية والوعي الكاملين لجهة كيفية تحضيرها، مع الأخذ بعين الاعتبار النظام الغذائي في اطاره العام وكذلك لجهة مستلزمات خصائصه المتعلقة مباشرة بالصائم نفسه.
تتركز هذه العناية بصورة خاصة على المواد الغذائية نفسها وعلى طبيعة مصادرها، ثم
على طريقة اعدادها لجعلها اكثر سهولة لعملية الهضم، واكثر احتفاظا في الوقت ذاته بخصائصها ومميزاتها الغذائية، لذلك نرى من الواجب في هذا المجال، ان يحتوي كل من الاطباق المعدة
لوجبتي الافطار والسحور على مجموعة المواد الأساسية التي تشكل في الواقع القوت اليومي لجميع ابناء البشر، وذلك إما بصورة جماعية او ثنائية او منفردة.
كما انه من الواجب ايضا ان يكون هناك تنسيق كامل في معدلاتها وتوازن بين نسبها، بحيث تكون منسجمة مع حاجات الجسم اليومية لكل من هذه المواد، فلا تطغى الواحدة على الاخرى كما يحصل احيانا عند البعض الذين يعتمدون في وجبتهم الطعامية على مادة او مادتين فقط كمصدر وحيد لقواهم الحرارية.
البروتين والبقوليات ومشاكلهمافالسكاكر والبروتينات والدسم جميعها عناصر مهمة على صعيد التغذية اليومية، لذلك لا يجوز الاستغناء عن اي منها، لاسيما البروتينات ذات المصدر الحيواني، فيجب عدم الاكتفاء فقط بالحصول عليها من المصادر النباتية.
كما ان الاسماك الغنية بهذا العنصر الغذائي المهم تتميز في الوقت نفسه بسهولة الهضم نظرا لتركيبها الطبيعي، ولهذا الأمر فإن معظم الصائمين على اختلاف اعمارهم لا يشعرون بأي ضيق او معاناة هضمية عند تناولهم كمية من هذه اللحوم بمقادير معتدلة، وذلك خلافا لما يحصل للاكثرية منهم ولاسيما المتقدمين في السن عند اقبالهم على الاطباق المحضرة من العدس والفاصولياء اليابسة والحمص والصويا وغيرها التي تؤمن مادة البروتين، فإنه على الرغم من احتواء هذه الاصناف النباتية على كمية وافرة من هذه المادة البروتينية تعادل في معظم الاحيان ما تحتوي عليه اللحوم والأسماك، وعلى الرغم من اهميتها الغذائية - وسعة استهلاكها في جميع المجتمعات البشرية على اختلاف مستوياتها المعيشية، فهي لا تتوافق عند البعض مع وضعهم الصحي، ومرد عدم هذا التوافق الى امكان احداث الغازات المعوية، وما يرافقها عادة من دلائل سوء الهضم، والحاجة الى التجشؤ المتكرر والى طرح كميات كبيرة من هذه الغازات طوال ساعات عديدة من النهار، مع كثير من الحرج في معظم الأحيان.
من جهة اخرى هناك عدد آخر من الصائمين الذين لا يستطيعون من اجل الحصول على مادة البروتين اللجوء الى شرب الحليب والاقدام على أطباق الطعام المحضرة من البيض لأسباب صحية عديدة، فكما هو معروف ان هذين المصدرين من المواد الغذائية يحتويان على كمية وافرة من جزئيات الكوليسترول والترايغليسرايد التي اصبحت معروفة في جميع انحاء العالم بضررها السيئ على الشرايين الدموية بصورة شاملة.
كما ينبغي في الوقت نفسه التذكير بأن نسبة عالية من هذه الاصناف النباتية أو من الحليب والبيض تشكل عند فريق من الصائمين عامل جهد كبير على خلايا الكبد وعلى عمل البنكرياس، لذلك نجد عددا كبيرا منهم لا يستطيعون تحمل اعبائهم فيما يتعلق بوجباتهم الطعامية، على الرغم من سلامتهم العضوية.
طريقة الطهيأما في مجال كيفية تحضير الأطعمة واعدادها للمائدة الرمضانية فان الطريقة الافضل في هذا المجال هي طهي المصادر الاولية لجميع المواد الغذائية الرئيسية حتى النضوج، والابتعاد قدر المستطاع عن عملية القلي بالزيوت والزبدة. وكذلك عن التعقيد الذي يرجى منه إثارة الشهية عند الصائم.
فطريقة الطهي، كما سبق وأن اشرنا تحافظ الى حد ما على الطبيعة الاساسية لهذه المصادر وعلى معدلاتها الاولية من المواد الرئيسية، وكذلك على كمية العناصر المعدنية والفيتامينات المتواجدة فيها، بعكس ما يحصل في عملية القلي.
ومن جهة اخرى تركز
العناية الطبية ايضا على التوازن بين كمية الاطعمة المحضرة للوجبات الرمضانية، وبين حاجات الصائم المرتبطة بالجهد الذي يبذله يوميا من اجل اتمام عمله المهني، كما ان هذه الحاجات مرتبطة ايضا بمرحلته من العمر وتقدمه في السن، ثم بعوامل بيئية وشخصية تابعة لتكوين الصائم الخاص به على صعيد بنيته الجسمية.
فمن خلال المحافظة على هذا التوازن يمكن تلافي حدوث اي زيادة او نقصان في الوزن، وبالتالي اي دلائل لاي شكل من اشكال السمنة او سوء التغذية.
الحرص على جعل المائدة الرمضانية
غنية بأصناف الفواكه الموسمية الطازجة، والخضار المعروفة وبأطباق السلطة المحضرة بالنباتات والاعشاب التي تحتوي من خلال طبيعتها الاولية على كميات وافرة من الالياف. وكذلك مقادير وافية من العناصر المعدنية والفيتامينات المتعددة الانواع والفصائل، فهذا ضروري لصحة العائلة.
ان وجود هذه الالياف بمقادير كافية في وجبات الطعام لاسيما خلال شهر رمضان المبارك، يسهل للصائم بصورة خاصة اتمام عملية التبرز اليومية، اما العناصر المعدنية والفيتامينات فان دورها الحيوي على صعيد التركيب البنيوي العام لجميع الخلايا العضوية ومبادلاتها الفيزيولوجية المتعددة غني عن التذكير.
دمتن بصحة وعافية