الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
تزوجت أسماء بنت أبي بكر الصديق من الزبير بن العوام رضي الله عنهما ,
وأحبته وأخلصت في خدمته على الرغم من فقره وعوزه , وهي كانت تعيش في عيش
رغيد في بيت أبها الصديق , لكنها تحملت وصبرت من أجل زوجها , بل زيادة على
عملها في بيتها كانت تذهب إلى مزرعة زوجها لتجمع النوى وتحمله على رأسها
حتى البيت وتطحنه لفرس الزبير المسمى بـ( اليعسوب ) وكانت تعاني من التعب
مالا يعلمه إلا الله .
زارها أبوه مرة فرآها متعبة ومجهدة فدار بينهما هذا الحوار :
الصديق : أتحبين زوجك يا أسماء ؟ .
أسماء : لولا أني أحبه ما صبرت على كل ذلك .
الصديق : أتحبين أن تبعثي يوم القيامة و أنت زوجة له أم زوجة لرجل أكثر ثراء منه ؟
أسماء : أحب أن أبعث و أنا زوجة له .
الصديق : إذن يا بنية فاصبري , فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ثم مات عنها ولم تتزوج من بعده جمع بينها في الجنة .
مات الزبير بن العوام قبلها بسنوات طويلة ولم تتزوج أسماء من بعده وظلت وفية لذكراه .
وحدث في يوم أنها كانت راجعة من مزرعة زوجها وهي تحمل على رأسها كيسا
مملوءا بالنوى لليعسوب في شدة القيض والعرق يتصبب على وجهها وهي تعاني من
ثقل الكيس . فرأت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه بعض الصحابة وهو راكب
دابته . و على الرغم من شدة حبها للرسول صلى الله عليه وسلم ولهفتها
للسلام علية شأنها شأن أي مسلم ومسلة إذا رآه , إلا أنها تذكرت غيرة زوجها
الزبير عليها لوجود رجال مع النبي فتابعت مسيرها و كأنها لم تر أحدا , إلا
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآها وعرفها وكانت لها منزلة عظيمة في
قلبه فهي ابنة صاحبه وأخت أحب زوجاته وهي ذات النطاقين , فأشفق عليها
ودعاها لكي يردفها خلفه , فلم تفضل ذلك الشرف العظيم على جرح مشاعر زوجها
فاعتذرت من الرسول صلى الله عليه وسلم وتابعت سيرها حاملة كيس النوى على
رأسها .
والأروع من ذلك أنها أخبرت زوجها بما دار بينها وبين رسول الله عليه
الصلاة والسلام وما كانت تخفي عنه شيئا مهما كان صغيرا , فأشفق عليها وقال:
والله يا أسماء .. لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه .
رحمك الله يا أسماء ورضي عنك , ورحمك الله يا بن العوام ورضي عنك
فتأملي أختي الكريمة في هذا العصر التعامل بين الزوجين وكيف طغت المادة على الحب والتضحية
منقول